بقلم دكتور / خالد الجندي
.. للعمل أهمية كبرى في حياة الفرد والمجتمع، وهو الذي يصنع كيان الإنسان ويمنعه من الحاجة والفقر، أو أن يمدّ يده للآخرين لتلبية ما يُريد، لهذا يحمل العمل قيمة عظيمة وفوائد كثيرة لا يمكن إغفالها، فهو بمثابة المنقذ للأشخاص من الحياة الروتينية التي يكتنفها الملل والعجز والكسل، لهذا فمن يعمل بيديه يشعر بالسعادة أكثر من أؤلئك الذين يعتمدون على غيرهم في العمل. أهمية العمل تكمن في أنّه يكفل للإنسان الحفاظ على كرامته، ويفتح له الآفاق الكثيرة حتى يتطوّر وينمو في عمله ويُصبح شخصًا فاعلًا لا يحتاج إلى أيّ معيل بعد الله، ولهذا فإنّ العمل عبادة وليس مجرّد حاجة حيوية للإنسان، فالمجتمع الذي يوجد فيه تنوع في العمل يتسم بأنه مجتمع حيوي مليء بالحركة والنشاط، وفيه الكثير من الأشخاص العاملين الذين يسعون إلى تحسين أنفسهم ومجتمعهم، فينتشر فيه الاكتفاء الذاتي بشكلٍ كبير، ويُصبح مجتمعًا منتجًا يعتمد على نفسه. العمل بالنسبة للمجتمع يجعله لا يُشكل عالة على أحد، ومهما اختلف نوع العمل الذي يُمارسه أبناء المجتمع فهو مفيد جدًا ولا يمكن إغفال أهمية أي عمل مهما كان بسيطًا، فالمجتمعات التي تعمل في الزراعة مجتمعات ذات أهمية بالغة توفر مصدر غذاء لغيرها، والمجتمعات الصناعية تُسهم في دفع عجلة الإقتصاد بشكلٍ كبير، والمجتمعات الحرفية يُسهم أبناؤها في تنمية المجتمع من مختلف المجالات، لهذا لا يمكن الانتقاص من قيمة العمل مهما كان هذا العمل بسيطًا، فأهمية الطبيب والمهندس والمحامي والصيدلاني والمعلم لا تقل عن أهمية الحرفي أو عامل النظافة أو النجار أو الحداد، فكلهم يؤدون خدمات لا يمكن إنجازها من غيرهم. أهمية العمل في تعزيز العلاقات بين أفراد المجتمع للعمل أهمية عظيمة في تعزيز العلاقات بين أفراد المجتمع بجميع فئاته، ومهما اختلفت الوظائف التي يؤدونها، فمكان العمل يلتقي فيه الشخص بأعزّ الأصدقاء، فهو مكان لإقامة العلاقات والصداقات والتعارف بين زملاء العمل، وقد يكسب الشخص من خلال عمله أصدقاءً أوفياء لا يُفرّط بهم أبدًا، ويكونون سندًا وعونًا له مدى الحياة، كما يُتيح العمل للشخص أن يبني علاقات اجتماعية متينة، وأن يُوسع دائرة معارفه ممّا يجعله أكثر ألفة، ويُصبح أكثر انفتاحًا على الآخرين، وهذا يدفعه إلى ترقية نفسه وتطويرها وجعلها أفضل. تبرز أهمية العمل في أنه يُعلم الفرد كيف يتعامل مع الآخرين، سواء على نطاق زملاء العمل أم على نطاق المجتمع الذي يؤدي له خدمة من خلال عمله، وهذا يكسبه احترامًا وتقديرًا من الناس، ويشعر الناس أنهم بحاجته أكثر حتى ينجز لهم أعمالهم، لهذا على الإنسان أن يكون مخلصًا لعمله، وأن يتقنه كثيرًا حتى يُرضي ربه أولًا وضميره ثانيًا، وينال ثقة الآخرين، وكيف يتعامل بالثقة بالآخرين الذين يطلبون منه إنجاز العمل مقابل الحصول على المال، والعمل أيضًا وسيلة للحصول على الراحة التي توفرها النقود التي يحصل عليها الشخص من خلال عمله، فيستطيع شراء ما يُريد دون منّة من أحد. يُسهم العمل في جعل الشخص أكثر قدرة على تحمّل المسؤولية، وأكثر قوة وصلابة، ويزيد من ثقته بنفسه، ويُصبح متكلمًا بشكلٍ أفضل نظرًا لتعامله مع الكثير من الأشخاص، ويثعلّم الإنسان كيف يتصرّف في مختلف المواقف والظروف، لأنّ العمل يُحكّم عليه التصرف السريع في المواقف الطارئة، ولهذا فالعمل يُعلّم الإنسان فنون الحياة التي ينقلها من عمله إلى أسرته وينشرها بين أفراد مجتمعه، فتتعزز علاقات المجتمع ويُصبح مجتمعًا محكومًا بتصرفات أشخاص لديهم الوعي الكبير. وليس أجمل من أن يأكل الإنسان من عرق جبينه وأن يجني ثمرة عمله. بفضل العمل أصبح الإنسان يرتدي أجمل الثياب، وأصبحت الشوارع نظيفة والمباني متطاولة، وأصبحت كل المنتجات الزراعية متوافرة خلال العام، وبفضل العمل أصبحت الحياة أكثر رفاهية، وأصبح بالإمكان توفر الكثير من الخدمات بوقتٍ قياسي وبجهدٍ أقل، ودون الحاجة إلى التعقيدات التي يتطلبها إنتاج الأعمال الشاقة، وهذا كلّه بفضل سعي الإنسان إلى العمل والعلم الذي يجعله عملًا مثمرًا وصحيحًا،.